البيان السياسي

header

أمام واقع التحديات الخارجية والداخلية وما تمثل من أخطار على لبنان، توافق عدد من الشخصيات الوطنية لتأسيس حزب جبهة البناء اللبناني والتحرّك بدافع إستعادة الوجه الحقيقي للبنان العروبة الذي قاوم المشروع الأميركي الصهيوني والذي انطلقت منه المقاومة الفاعلة ضد الإحتلال الإسرائيلي والذي كان ولا يزال ويجب أن يبقى حاضناً وقلعةً للمقاومة والعروبة. وإن لبنان ولا شك يدرك تماماً بأن المحافظة على هويته العربية لا تكون إلا من خلال العمل على تعزيز العلاقات الأخوية مع كافة الأشقاء العرب وخاصةً سوريا، وإنطلاقاً من ذلك فقد جهدت الشخصيات المؤسّسة للبحث في الصيغ الآيلة إلى مواجهة الهجمة التي يتعرض لها لبنان والمنطقة وإلى وضع الخطط والبرامج الكفيلة بإحباط تلك الهجمة الإستعمارية الشرسة بما يحفظ ثوابتنا الوطنية والعروبية والعمل على إنهاء الفساد السياسي والإداري والمساهمة بالتنمية والإزدهار في لبنان شعباً ودولة.

إن التطورات السياسية التي شهدتها الساحة اللبنانية لا يمكن أن تصرفنا عن خطورة المشروع الأميركي الصهيوني المستمر والهادف إلى تحقيق مشروع الشرق الأوسط الكبير عبر إرساء قواعد عسكرية دائمة و/أو علاقات تحالف مع أنظمة حكم في المنطقة خدمةً لإسرائيل وإعادة رسم خارطة جديدة عرقية وطائفية للمنطقة يراد من خلالها إنهاء دور المقاومة والممانعة في فلسطين ولبنان وسورية والعراق تسهيلاً لإستعمار المنطقة العربية الإسلامية مباشرة ولنهب خيراتها مجدداً.

وبهذا المعنى فإن بعض القوى في لبنان يخرج اليوم عن الرؤى الوطنية الصحيحة اللازمة لترسيخ الوحدة الوطنية المهددة بمشاريع التدويل والتي تغيب فيها عن سابق معرفة الحقيقة الثابتة بأن الشعب اللبناني هو شعب عربي مقاوم ناضل من أجل القضية الفلسطينية والتحرر من الاستعمار والوحدة بين العرب ورفع اللاءات المدوية الرافضة للإعتراف بالكيان الصهيوني وأسقط إتفاق 17 أيار وطرد الإحتلال الصهيوني من عاصمته رافضاً الوصايات الأجنبية والإستعمار بكل أشكاله مراهناً على دور المقاومة وعلى سلاحها في تحرير الأراضي اللبناني وإطلاق سراح المعتقلين اللبنانيين والفلسطينيين والعرب من السجون الإسرائيلية وتطبيق القرار رقم 194 القاضي بحق العودة الكاملة الغير مشروطة لشعب فلسطين لأرض آباءه وأجداده.

كما أن المسار الذي تنتهجه الطبقة السياسية المترهلة والقوى المستفيدة فئوياً من تحاصص السلطات السياسية والإدارية والإقتصادية في لبنان هو مسار أثبت فشله بكل المقاييس وعلى كل الصعد السياسية والإقتصادية والإجتماعية. فقد عجزت السلطات المتعاقبة عن إيجاد حلول لمعالجة الأزمات السياسية والإقتصادية والإجتماعية المتفاقمة تحت حجج وذرائع جعلت البلاد في مهب الرياح الهادفة إلى فرض الإملاءات الخارجية على لبنان وعلى حساب خيار المقاومة ومن حساب توطين الفلسطينيين في لبنان وعلى حساب تعميق علاقات لبنان الأخوية بسوريا وبتوريطه عن سابق تصميم بمديونية لرهن قراره السياسي فضلاً عن المحاولات الحثيثة لسلخه عن محيطه العربي وعن عمقه في سوريا بتزوير هويته العربية ووضع العراقيل أمام تكامله مع محيطه العربي الإسلامي بما في ذلك لو تحقق مصلحة عليا للبنان وشعبه.

لذلك فإن حزب “جبهة البناء اللبناني”: يرى لزاماً عليه وعلى ضوء ما تقدم، أخذ المبادرة بإتجاه التحرك العملي الهادف نحو:
تثبيت وتعزيز الدور الوطني اللبناني المؤمن بالثوابت الوطنية والقومية الداعم للمقاومة بشتى أنواعها في وجه العدو الصهيوني وقوى الاستكبار العالمي والداعم لترسيخ أفضل العلاقات مع المحيط العربي الإسلامي للبنان وبالأخص مع سوريا شعباً ودولةً ومؤسسات.

العمل على البحث الجدي لإيجاد أفضل السبل لتحصين حقوق ومكتسبات الشرائح المستضعفة في المجتمع على كل الصعد لكي تستعيد دورها ومكانتها الإجتماعية والإقتصادية والعمرانية والثقافية ولتوفر الأمان لأبنائها الذين عانوا وقاسوا من وطأة سياسات التمييز والحرمان الإجتماعي والإقتصادي القائمة على سلب حقوقهم بفعل جشع الإحتكارات والمافيات المالية والعقارية التي تزداد غنى فاحشاً يوماً بعد يوم على حساب فقرهم وجوعهم وإنتاجهم.

دعم مشروع بناء الدولة القائم على إرساء العدالة الإجتماعية والمساواة بالحقوق والواجبات بين أبناء الوطن الواحد وعلى تحفيز النمو البعيد عن سياسات الإقتراض والخصخصة وزيادة المديونية.

ثانياً ـ نظرة الحزب في القضايا المطروحة وفي الحلول المرجوة:
أ ـ في الشأن الوطني العام:
التمسك بالثوابت الوطنية والقومية باعتبارها الضامن الأساسي لإستقرار لبنان وسلامته واستقلاله وسيادته والتأكيد على هوية وعلاقات لبنان العربية وخاصة مع سوريا.

التمسك بسلاح المقاومة كسلاح ردع إستراتيجي من أجل تحرير الأرض المحتلة واستعادة الأسرى والمقدسات وحماية لبنان من الأطماع والإعتداءات والضغوط الإسرائيلية والأميركية.

رفض الوصاية الدولية والتدخلات الأميركية والغربية في لبنان بجميع أشكالها بما فيها المساعدات المالية والإقتصادية والأمنية المشروطة وكل ما من شأنه رهن القرار السياسي والاقتصادي اللبناني.

المطالبة بإعطاء الحقوق الإنسانية والإجتماعية للأخوة الفلسطينيين خاصة لناحية حق العمل والتملك وإلغاء كافة القوانين العنصرية والقرارات المجحفة بحقهم والتأكيد على الحوار كسبيل وحيد في التعاطي مع ملف السلاح الفلسطيني والأخذ به من منظار سياسي لا أمني يرتبط بتحقيق حق العودة وبكل ما من شأنه إعداد الأجيال الفلسطينية بالعلم والتنظيم وإكتساب الكفاءات للعودة الفاعلة للوطن السليب.

تحييد الطوائف الدينية عن القرارات والمواقع الإدارية ووضعها تحت الاشراف الوطني عبر وزارة للأديان والأوقاف لضمان حقوق المنتسبين لها وضمان إبتعادها عن التدخل السلبي في الشأن الوطني العام ووحدة المجتمع.

ب ـ في الشأن الإصلاحي:
ـ الإصلاح السياسي:
إن الإصلاح الشامل بجميع مندرجاته لا يمكن أن يتم إلا بإنجاز الإصلاح السياسي الذي يبدأ بإلغاء الطائفية السياسية وتفعيل المواطنية بإعتماد قانون عادل للإنتخابات النيابية والبلدية يتسم بالنزاهة والشفافية واستبعاد إحتكار المال والإعلام في الحملات الإنتخابية وتنظيمها على قاعدة النسبية والدوائر الكبرى وبضمان تكافؤ الفرص بين المرشحين ترسيخاً للديمقراطية وتأكيداً للوحدة الوطنية والإجتماعية بين اللبنانيين والدفاع عن الحريات العامة وعن حق التعبير بجميع أشكاله الديمقراطية والسياسية والإعلامية الشعبية ولكن ضمن الثوابت التاريخية والضوابط والقيم التراثية.

ـ الاصلاح الإداري:
إعادة بناء المؤسسات الرقابية وإعادة تفعيل صلاحياتها خارج التحاصص السياسي والطائفي لتقوم بدورها بعيداً عن التدخلات السياسية وبهدف ترشيد الإنفاق وكف الصفقات ووقف المحسوبيات وإعتماد مبدأ الكفاءة والجدارة في التوظيفات ومبدأ الثواب والعقاب ومكننة المعاملات وتسهيل الخدمات من الأقضية لتصويب الأداء الإداري العام بما يضمن وقف الفساد في الدولة عموماً وفي القطاعات الإدارية خصوصاً ويحافظ على مال الخزينة العام.

ـ الإصلاح الأمني:
وقف تدخل الأجهزة الأمنية في الشؤون السياسية ووقف تدخل السياسيين في الشأن الأمني تأكيداً لمبدأ فصل السياسة عن الأمن وتعزيز دور القوى الأمنية ـ إدارياً ولوجيستياً ـ لضمان حفظ الأمن لجميع المواطنين. وفي هذا الشأن نؤكد على ضرورة الاهتمام بتطوير الجيش وتسليحه جدياً على أن يتكيف الجيش على مدى رقعة الوطن مع أسلوب المقاومة المتكاملة معه إستفادة من تجاربها الميدانية الناجحة وإسوة ببلدان تتشابه بطبوغرافية لبنان وموارده المحدودة وتجهيزه بالسلاح المناسب من أية مصادر موثوقة.

ـ الإصلاح القضائي:
التأكيد على إستقلالية القضاء بإعتباره سلطة مستقلة فعلاً عن السياسيين ونفوذهم بإختيار القضاة وتدرجهم الوظيفي والإقرار بمبدأ فصل السلطات وتعزيز دور مجلس القضاء الأعلى وإعادة تفعيله وكافة مؤسسات الرقابة في الدولة لكي تقوم بدورها بعيداً عن التدخلات السياسية وتطبيق كافة القوانين الراعية لحقوق الإنسان بما فيها مساواة المواطنة بالمواطن في حق منح أطفالها الجنسية بشرط إقامتهم الدائمة في لبنان.

ـ الاصلاح المالي والإقتصادي:
وضع برنامج إقتصادي بعيد المدى يضمن حلولاً لتسديد الدين العام وفوائده وحماية القطاعات المنتجة والخدماتية وتحصين التقديمات الإجتماعية من الدولة وفتح ملفات الفساد ومحاسبة المسؤولين عن سرقة و/أو هدر المال العام في الإدارات والمؤسسات والصناديق وإعادة النظر بالسياسة المالية الضرائبية لرفع الأعباء عن كاهل الشرائح المستضعفة ودعم وتشجيع الإستثمار في القطاعات المنتجة وحماية الإنتاج الوطني وتأمين الأسواق له وحماية دور الدولة الراعية والضامنة لحقوق المنتجين والعاملين والموظفين.

ـ التركيز على الشباب وأجيال الغد:
إشتراع القوانين وإتخاذ الإجراءات التي تكفل تنظيم قطاع الشباب وتوجيهه وطنياً وتربوياً ومهنياً لتفعيل حيوية المجتمع وقضاياه وضمان مستقبل الأجيال وفرص العمل لها في لبنان ومحيطه القومي.

ـ حماية البيئة ومكوناتها وإصلاح ما أفسد فيها:
إشتراع القوانين وضمان تطبيقها لحماية الغطاء الأخضر ونقاوة الهواء والمياه وسلامة الحياة الفطرية والبحرية وإعتبارها ثروة قومية للأجيال القادمة.